محمية روكي ماونتن تحتفل بعيدها المئوي
  • Posted on

محمية روكي ماونتن تحتفل بعيدها المئوي

بالرغم من أن المستكشفين الأوائل لأمريكا الشمالية لم يهتموا كثيراً بموضوع التنمية المستدامة في العالم الجديد، إلا أنه خلال فترة لاحقة ظهرت أول المحميات الطبيعية في هذه المنطقة، ومنها محمية روكي ماونتن، التي تحتفل بعيدها المئوي خلال هذا العام.وتجتذب محمية روكي ماونتن أعداداً غفيرة من السياح من داخل الولايات المتحدة الأمريكية ومن جميع بلدان العالم، وهي تعتبر مجموعة من السلاسل الجبلية، التي تقع غربي قارة أمريكا الشمالية وتعتبر هذه الجبال منبعاً لحوالي ١٤ نهراً مثل نهري كولورادو وميسوري. ملك الجبال الصخريةويستمتع الزوار في هذه المحمية الطبيعية بمناظر الجبال والوديان، وتسلق القمم الجبلية مثل قمة Longs Peak، التي يصل ارتفاعها إلى 4346 متراً، الذي يعتبر "ملك الجبال الصخرية" بحق، بالإضافة إلى القمم الجبلية الأخرى، التي يصل عددها إلى 71 قمة ويزيد ارتفاعها على أربعة آلاف متر. ولا يخلو المشهد أيضاً من ظهور القمم الجبلية المغطاة بالثلوج، وكذلك المروج، التي يهيمن عليها اللون الأصفر والأزرق، والتي ترعى بها الغزلان البرية. وترسم الأنهار، التي تنبع من المياه الذائبة في هذه الجبال أشرطة بنية اللون في المروج الخضراء.ويتدفق على محمية روكي ماونتن أكثر من ثلاثة ملايين زائر سنوياً من داخل الولايات المتحدة وخارجها، للاستمتاع بروعة المناظر الطبيعية في هذه المحمية، التي تمتد على مساحة 1076 كيلومتر مربع، وتعتبر من أكبر وأعلى المحميات الطبيعية في الولايات المتحدة الأمريكية. وتتمتع بمناخ معتدل وهواء نظيف يساعد على تنشيط الدورة الدموية أثناء القيام بجولات التجول لمسافات طويلة في هذه البيئة الجبلية.ويرجع الفضل في أنه لا يزال يمكن الاستمتاع بهذه المناظر الطبيعية حتى يومنا هذا إلى إينوس ميلز، والذي يعتبر بمثابة الأب الروحي لمحمية روكي ماونتن، وتقود عملية البحث عنه إلى محمية إستس بارك، والتي تبعد مسافة ساعة ونصف بالسيارة إلى الشمال الغربي من بلدة دنفر، وعلى مسافة بضعة كيلومترات من البلدة الصغيرة تصطحب حفيدة إينوس، إرين ميلز، الزوار داخل كوخ صغير لجدها الأكبر، والذي تم تحويله إلى متحف صغير.وأشارت إرين ميلز إلى إحدى الصور القديمة وأضافت قائلة: "لقد كان ذلك اليوم أفضل يوم في حياته"، وذلك عندما تدفق الوجهاء وكبار القوم إلى المنطقة في 5 أيلول/سبتمبر عام 1915 لحضور الافتتاح الرسمي لمحمية روكي ماونتن. وأوضحت المرشدة السياحية أن إينوس ميلز قد حضر إلى هذه المنطقة عندما كان عمره 14 ربيعاً لمدة بضعة أشهر للاستمتاع بالهواء الجبلي النقي والتعافي من أعراض مرض السل، ولكن وقع أسيراً لجمال وروعة المناظر الطبيعية، إلى أن التقى بعد ذلك بجون موير، أحد أشهر الداعين للحفاظ على البيئة، واقترح عليه فكرة إنشاء محمية طبيعية في هذه المنطقة.وخلال الفترة من 1909 إلى 1915 قام إينوس ميلز بنشاط مكثف ما بين قاعات المحاضرات وكتابة المقالات والكتب، حتى حصل في نهاية المطاف على دعم مالي من رجال الأعمال، ووافق الكونجرس الأمريكي في 1915 على إنشاء المحمية الطبيعية في جبال روكي ماونتن.وقد قام أينوس ميلز وزوجته إستير باصطحاب الكثير من السياح خلال التندرا الألبية في المحمية، بالإضافة إلى تسلق قمة Longs Peak. أما الآن فيتوافر مجموعة من المرشدين السياحيين المحترفين، مثل آندي باركلي، لمرافقة الأفواج السياحية خلال جولتهم في الجبال، ووصولاً إلى بحيرة «Fern Lake»، التي تقع على ارتفاع 600 متر، ويشاهد السياح خلال هذه الجولة الصخور الضخمة على طول الطريق، بالإضافة إلى أنواع مختلفة من الشجيرات مثل الأسبن والبابونغ والزنابق، ولا يخلو المشهد الطبيعي على هذا الارتفاع من ظهور طائر العقعق والطائر الطنان.سلمون مرقطوعلى ضفاف البحيرة يجلس الصيادون في أفضل الأماكن على الشاطئ من أجل صيد أسماك السلمون المرقط وإعادتها إلى الماء مرة أخرى، ويخيم الصمت والهدوء على البحيرة في فترة ما بعد الظهيرة، ومع حلول الليل يكون هناك خمسة أشخاص فقط من عشاق التخييم وسط المناظر الطبيعية بمفردهم على ضفاف البحيرة. وتودع الشمس هذه البقعة الساحرة من العالم وتكتسي الغيوم باللون الأرجواني. وأوضح المرشد السياحي أنه تم خلال السنوات الأولى إبادة الدببة السوداء والذئاب بلا رحمة، ولا يظهر بهذه المحمية الطبيعية سوى الأسد الأمريكي من حين إلى آخر.وفي اليوم التالي أكد إريك شتينسلاند، مصور المناظر الطبيعية، هذه المعلومة، حيث أنه يعرف كل ركن وزاوية في المحمية الطبيعية، وقام بالتجول لمرات لا تعد ولا تحصى على شبكة المسارات والدروب التي يبلغ طولها 560 كيلومتراً. وغالباً ما تبدأ نزهات التجول في منتصف الليل، وقد شاهد في إحدى المرات زوجين من الأسد الأمريكي.وتعتبر جبال روكي ماونتن من المناظر المتفردة في المحمية الطبيعية، وخاصة في الصباح؛ حيث تظهر أشعة الشمس الأولى مع الضباب على سطح البحيرة في منظر جميل، وتغوص المروج الخضراء والجداول والأزهار في ضوء الصباح الناعم، وتوقظ هذه المناظر البديعة الشوق والحنين بداخل الإنسان. ومع ذلك، ليست الطبيعة مشرقة دائماً في محمية روكي ماونتن؛ حيث اصطحب روني بيكاريللو السياح خلال المناظر الطبيعية المدمرة بالقرب من بلدة بريكنريدج، وأوضح قائلاً: "بعدما عثر اثنان من عمال مناجم الذهب على كتلة من الذهب تزن 13 رطلاً خلال عام 1887، بدأت عمليات البحث الهمجية عن الذهب في الجداول والأنهار حول بلدة بريكنريدج. وعلى الرغم من أنه تم التخلص من أعمال الهدم والتدمير إلا أن المواد السامة مثل الزرنيخ والزئبق وسيانيد الصوديوم أدت إلى تلوث الأرض لفترة طويلة حول بلدة بريكنريدج.