وادي "دو فيردون" .. جمال فرنسي بأجواء البحر الكاريبي
  • Posted on

وادي "دو فيردون" .. جمال فرنسي بأجواء البحر الكاريبي

تشتهر فرنسا بالمناظر الطبيعية الخلابة، التي تستقطب السياح من جميع أنحاء العالم، ومنها وادي دو فيردون، الذي يقع في جنوب شرق فرنسا، ويمتاز بالمنحدرات الحادة والقرى، التي تعود إلى العصور الوسطى والبحيرات، التي تشبه أجواء البحر الكاريبي.ويُعرف هذا الوادي أيضاً باسم غراند كانيون دو فيردون، ويقع في وسط مقاطعة بروفانس جبال الألب والريفيرا الفرنسية، وفي نهاية هذا الوادي يتدفق نهر فيردون في البحيرة الصناعية سانت كروا دون فيردون. ويعتبر وادي دو فيردون من الواجهات الرائعة للتسلق والترفيه والتجول على مجموعة متنوعة من المسارات والطرق الممتدة. ويشتهر غراند كانيون دو فيردون باعتباره أكبر الوديان في أوروبا وأكثرها جمالاً، وبالتالي تتدفق الأفواج السياحية من جميع أنحاء العالم إلى هذه المنطقة، وخصوصاً خلال فصل الصيف؛ حيث يمتاز النهر بلونه الفيروزي، الذي يشبه مياه البحر الكاريبي.رائحة اللافندر وتفوح في أرجاء الوادي رائحة كثيفة لأزهار اللافندر، مما يتسبب في شعور السياح بدوار طفيف. ولكن إحساس السياح يختلف عند النظر إلى الهاوية، التي يصل عمقها إلى 300 متر؛ حيث تختلط مشاعر الرهبة من المرتفعات مع سحر وجاذبية المنحدرات الحادة؛ إذ يقف السياح حالياً على منصة المراقبة ماوجيه، التي تطل على طريق كرتيس، وفي الأسفل يتدفق نهر فيردون. وأشار سيدريك، المرشد السياحي المرافق للمجموعة، والذي يبلغ من العمر 34 عاماً، إلى أن هذا الوادي يعتبر بمثابة الغراند كانيون في فرنسا؛ نظراً لأن نهر فيرودن حفر على مدى آلاف السنين عمق يصل إلى 700 متر في السلاسل الجبلية البديعة.ويقع وادي فيردون في المناطق النائية التابعة لمدينة نيس، على بعد 50 كيلومتراً فقط من المدينة الواقعة على البحر المتوسط، ويعتبر من أكبر الوديان في أوروبا وأجملها. ويتدفق نهر فيرودن، الذي ينبع من جبال الألب الفرنسية على ارتفاع 2500 متر، لمسافة تزيد على 160 كيلومتراً في منطقة دورانس. وفي المسار من منطقة كاستيلان ولاك دو سانت كروا قام نهر الألب على مسافة 21 كيلومتراً بحفر واحداً من أكثر الوديان ضخامة في أوروبا، ولكن المنطقة تمتاز بجمال وروعة المناظر الطبيعية، ولذلك تم إدراجها كمحمية طبيعية خلال عام 1997. ويشعر السياح ببعض الدوار عند النظر إلى أسفل الوادي في منطقة بلفدير ماوجيه؛ حيث يصعب عليهم تصور أن هناك مسار للتجول في هذا العمق السحيق، ولكن روعة هذا الوادي لم يتم اكتشافها إلا مع بداية القرن العشرين عندما قام بعض المغامرون، ومنهم خبير الجيولوجيا المائية إدوار ألفريد مارتل، بالتجول لأول مرة في الوادي خلال صيف عام 1905. وأوضح المرشد السياحي أن هذه الرحلة الاستكشافية، التي امتدت لعدة أيام كانت صعبة للغاية ومحفوفة بالمخاطر.ويمتد مسار التجول سانتير مارتل لمسافة 14 كيلومتراً تقريباً، ولا يزال يزخر بالكثير من المزالق، ويمتاز بوجود الكثير من الممرات المتقاطعة والمنحدرات الحادة. وإذا اتخذ السياح قراراً بالنزول إلى أسفل الوادي، فإنه لن يكون بالإمكان الخروج منه في منتصف الطريق، ولابد أن يقوم السياح بارتداء أحذية جيدة واصطحاب الكثير من المواد الغذائية، كما أن المصباح اليدوي يعتبر من التجهيزات الضرورية عند التجول في أسفل الوادي.وتستمر رحلة التجول لمدة ست ساعات. وفي عام 2005 تم تغيير اسم مسار التجول إلى سانتير بلانك مارتل، تخليداً لذكرى إيزيدور بلان، الذي رافق مارتل في رحلة استكشاف وادي فيردون.بحيرة صناعية خلابةوقد قامت السلطات الفرنسية بترويض نهر فيردون من خلال إقامة خمسة سدود للتغلب على تقلبات النهر وثوراته. وإلى جانب بحيرة لاك دي كاستيلون الموجودة بالروافد العليا لنهر فيردون توجد بحيرة لاك دو سانت كروا، التي تعتبر ثاني أكبر بحيرة في فرنسا، وتمتاز بأنها أكثر البحيرات الصناعية جاذبية وروعة، وتقع هذه البحيرة عند نهاية الوادي، ويتمكن السياح من الاستمتاع بأجمل إطلالة على البحيرة أثناء الوقوف على جسر سانت كروا، المقام على أعمدة بارتفاع 45 متراً فوق نهر فيردون، الذي يمد البحيرة بالمياه.وتتمتع بحيرة لاك دو سانت كروا بمناظر طبيعية خلابة وتصلح كمنطقة تصوير الأفلام السينمائية، وتمتاز هذه البحيرة بمياهها الفيروزية الرقراقة، بحيث يُخيل للسياح أنهم في منطقة البحر الكاريبي عند الإبحار في جنوب البحيرة، ولا يخلو هذا المشهد البديع من مناظر التلال الجبلية المرتفعة وحقول اللافندر التي تبعث براحتها الذكية في الهواء.وتفتخر بحيرة لاك دو سانت كروا بأنها أجمل بحيرة في مقاطعة بروفانس، وفي سبيل الحصول على هذا اللقب كان لابد من تقديم تضحيات كبيرة؛ حيث غمرت مياه البحيرة أكثر من ألفين هكتار من الأراضي الزراعية الخصبة، علاوة على تدمير قرية بأكملها، وتم إنشاء قرية ليه ساليس سور فيردون في منطقة أعلى بعض الشيء على ارتفاع 400 متر، على غرار الطراز المعماري القديم.وتقع قرية موستييه سانت ماري فوق البحيرة على ارتفاع أربعة كيلومترات تقريباً، وتعتبر هذه القرية واحدة من القرى والأماكن الخلابة في مقاطعة بروفانس؛ حيث تنتشر بها الأزقة الضيقة والمنازل الحجرية بالإضافة إلى نهر جبل صغير يمر بمنتصف القرية، مما يجعلها من الأماكن الرومانسية الحالمة. وتبدو القرية مع كنيستها الرومانية، التي تم إنشاؤها خلال القرن الخامس عشر الميلادي، كأنها عش نسر كبير ملتصق بالصخور العملاقة عند النهر، وأعلى هذه القرية تظهر صومعة نوتردام بوفوار، والتي يمكن الوصول إليها عبر طريق متقاطع.وعندما يصل السياح إلى هذه الصومعة الحجرية، التي تعود إلى القرن الثاني عشر الميلادي، يمكنهم الاستمتاع بإطلالة رائعة على القرية، التي يسكنها حوالي 700 نسمة، وتبدو المناظر الطبيعية الخلابة، التي تضم الأسقف المغطاة بالقرميد وأشجار السرو والصنوبر والزيتون، وبالتالي تمثل هذه المناظر البديعة أجمل ختام لرحلة التجول في أعماق مقاطعة بروفانس.