مِهَن الآباء بين تفاخر الأبناء وخجلهم
  • Posted on

مِهَن الآباء بين تفاخر الأبناء وخجلهم

"مهنة الأب" أحد العوامل المؤثرة بقوة في حياة الأبناء، ولكنها تارة تكون مصدراً للتباهي والتفاخر بين الأبناء, وتارة أخرى تكون سبباً للخجل والرفض.وبين هذا وذاك قد يتشبع الأبناء بصفات غير محببة تتنوع بيت التعالي والغرور أو الشعور بالنقص والدونية. فما هي أفضل سبل تقويم توجهات الأبناء في هذا الصدد؟ في البداية تروي "س-ع" أن ابنتها عندما كبرت أصبحت أكثر سخطاً على مهنة أبيها؛ حيث يعمل طاهياً في مطعم, وتقول إنها في البداية لم تكن تُصرّح بهذا الرفض وتكتفي بالتلميح بضرورة تغيير مهنة الأب والبحث عن مهنة أخرى خاصة أن زملاءها كثيرو التردد على المطعم, مؤكدة أنها الآن أصبحت أكثر تصريحاً برفض المهنة، وكثيراً ما تلتزم العزلة وتبدو عليها مشاعر الضيق. وتقول إن إخوتها لم يكونوا مثلها بل كانوا أكثر فخراً بأبيهم ومنهم من يساعده في عمله. بينما في الناحية الأخرى كانت مهنة الأب الطبيب والعم الضابط في الجيش مصدراً لتفاخر "منة" الطالبة في المرحلة الإعدادية وسط زملائها, حيث اشتهرت وسط زملائها بأنها مغرورة ومتعالية, فلم يخلُ حديثها بمناسبة وبدون مناسبة عن مهنة أبيها وعمها, بحسب ما يروي زملاؤها. يقول الدكتور جمال الفرويز، أستاذ الطب النفسي: "إن لمهنة الآباء تأثيراً كبيراً في حياة الأبناء, ويكون ذلك أكثر وضوحاً في سن ما بعد الابتدائية، وخاصة في المرحلتين الإعدادية والثانوية, حيث يكون الطفل أكثر إدراكاً لطبيعة المهنة ومكانتها في المجتمع".مشيراً إلى أن تعاطي الأبناء لمهنة الأب وتقبلهم أو رفضهم لها أمر يتحكم فيه أسلوب التنشئة ومدى ارتباطه العاطفي والوجداني بوالده, حيث يكون ذلك عاملاً مهماً في تقبل مهنة الوالد مهما كانت متواضعة. وأوضح د.الفرويز أنه إذا لم تتوفر مقومات التنشئة السليمة للطفل في هذا الصدد أو أن تكون علاقته بوالده غير سوية أو أن تكون الأم على سبيل المثال رافضة لمهنة الأب وتعلن ذلك أمام الأبناء, فإن ذلك يخلق داخل الأبناء شعوراً بالدونية والنقص, وقد يتطور في بعض السلوكيات التعويضية المرفوضة والتي منها السرقة والكذب أو ممارسة العنف. وأضاف: المشكلة تزداد سوءاً إذا كانت مهنة الأب مثار سخرية لمكانة الابن بين أقرانه في المدرسة؛ حيث إن ذلك يفاقم المشكلات النفسية عند الطفل.مؤكداً أن مواجهة هذه المشكلة يتطلب إعادة تربية للمجتمع نفسه واستعادة قيم طيبة تناساها البعض، وهي احترام الآخر وتقدير عمله واعتباره جزءاً أصيلاً في استقرار الحياة؛ حيث لا تستقيم الحياة بدون وجود هذه المهن البسيطة؛ بجانب المهن الأخرى, مؤكداً أنه إذا تأصلت هذه المعاني الطيبة في حياة الأبناء منذ صغرهم ستختفي مثل هذه المشكلات التي تؤثر بالسلب على الأبناء وتحرمهم من الاستمتاع بحياتهم بشكل سوي.