في المغرب..أطفال يعانون في صمت ويواجهون الفشل الكلوي
  • Posted on

في المغرب..أطفال يعانون في صمت ويواجهون الفشل الكلوي

في الطابق الرابع بمستشفى الأطفال، التابع للمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالعاصمة الرباط، رقد أطفال في قاعدة مجهزة بأحدث الوسائل لتصفية الدم. إنهم صبية يعانون في صمت كبير ويصارعون مرض الفشل الكلوي الذي نال من أجسامهم النحيفة ما نال منهم.وكالة الأنباء الألمانية (د .ب .ا) قامت بجولة في مركز تصفية الدم للأطفال المصابين بالفشل الكلوي، فوقفت عند حالات عصيبة لفتية يواجهون مرضا يعد من بين أخطر الأمراض المزمنة التي تودي بالحياة في حال غياب المراقبة أو قصور في المتابعة الطبية.داخل المركز، التابع للجمعية المغربية للأطفال مرضى الكلي، أطفال صغار ممدون فوق أسرة ويمدون أيديهم لتجهيزات متطورة تساعدهم على تصفية دم الكلي التي اصابها المرض وجعلها غير قادرة على الاشتغال بطريقة طبيعية.قصص وحكايات عديدة ومؤثرة لأطفال يخوضون مغامرة تحدي مرض الفشل الكلوي. فمنهم من يخضع يوميا لحصة التصفية التي تنطلق من الساعة التاسعة صباحا إلى الثانية بعد الظهر، ومنهم من حالته لا تستوجب سوى ثلاث حصص أو حصتين في الأسبوع. فالأمل في الحياة يجعل هؤلاء الفتية والصبيان يستسلمون لإجراء حصص تصفية عصيبة، لكنهم في الآن نفسه بمجرد ما ينتهون، يفهمون أنهم محظوظون لأنهم تمكنوا من الخضوع لعلاج ليس في مناول عشرات من الأطفال الذين يفارقون الحياة لا لسبب سوى لأنهم لم يجدوا الإمكانيات التي تساعدهم على الاستشفاء والعلاج.سناء، طفلة لم يتجاوز عمرها 15 عاما، لكن جسمها النحيف يوحي بأن عمرها لا يزيد عن عشر سنوات. لقد استأنست سناء وتعايشت مع مرض الفشل الكلوي، فمنذ سنة 2009 وهي تطرق باب المركز لتلقي العلاج وللاستفادة من ثلاث حصص في الأسبوع، بحكم أن وضعها الصحي حرج ويتطلب عناية خاصة. وخلال الأيام المخصصة للتصفية، تشد سناء الرحال رفقة والدتها من مدينة الصخيرات، التي تبعد بعشرات الكيلومترات عن العاصمة، فتكون في الموعد المحدد وتأخذ مكانها فوق سريرها. رغم المرض، تعرف سناء بين الطاقم الطبي المشتغل في المركز بخفة دمها، إذ تمكنت الطفلة سناء من ضبط جميع مراحل التصفية، وضبط المصطلحات الطبية الخاصة وكل ما له علاقة بالمرض وبالتصفية. إنها طفلة في جبة دكتورة صغيرة، بدأت تخبر عالما غريبا. تتحدث إلى الممرضات اللواتي يشرفن على عملية التصفية كأي شابة ناضجة، تسأل عن كميات الدواء وعن التجهيزات وتعلن عن قرب نهاية حصتها بعد إلقاء نظرة خفيفة في شاشة الجهاز المركون قرب سريرها. ورغم علامات التعب التي بدت على والدتها التي يظهر أنها عانت ومازالت تعاني مع مرض سناء، إلا أن الأخيرة، التي تدرس في السنة الثانية من التعليم الإعدادي، بابتسامة لا تفارق محياها، تريد بطريقة غير مباشرة أن تخفف عن والدتها هذه الآلام، فلا تتوقف عن الكشف أمامها عن عزمها متابعة دراستها تحديا للمرض. نماذج عديدة لأطفال أصابت المرض منذ نعومة أظافرهم، فهذه طفلة لم تتجاوز السنتين، وأصابها سرطان على مستوى الكلي، وتضطر والدتها حملها ثلاث مرات في الاسبوع للخضوع للتصفية، وهذا الطفل ريان الذي يتداول الأطباء المشرفون احتمال زرع كلتين بعد أن فشلت كل الحلول ولم يجد الطاقم الطبي مفرا من إجراء عملية استئصال الكلى المريضة وزرع أخرى معافاة.وبالنسبة للبروفيسور حسن آيت عمر، رئيس الجمعية، فإنه لا يدخر جهدا لإنقاذ مرضاه الأطفال. لقد أخذ هذا الدكتور على عاتقه وظيفة إنقاد أطفال مرضى الفشل الكلوي، وفتح عام 2005، مركزا للعلاج الذي يعد الوحيد على صعيد المملكة المغربية. ففي السابق كان الأطفال المرضى يلتحقون بمراكز التصفية المفتوحة في وجه الكبار، ويقول البروفيسور"الآن، تمكنا من احداث مركز، ومنذ حوالي 11 سنة، ونحن نشتغل بمعية خبراء ومراكز دولية نستشيرها في الحالات، كما أننا نعول كثيرا على دعم المحسنين على اعتبار أنه من حيث التجهيزات والأدوية الموجه للتصفية تبقى مرتفعة الثمن، ما يجعل نفقات التسيير في حدود 500 ألف درهم سنويا (أي ما يعادل 50 ألف يورو)". ورغم هذه التكاليف المرتفعة، إلا أن البروفيسور آيت عمر والطاقم الطبي وشبه الطبي الذي يشتغل رفقة يحدوه أمل كبير في رفع نسبة الأطفال المستفيدين من العلاج في المركز. يتواصل عن قرب مع عائلات الأطفال المرضى، يشرح لهم بطرق مبسطة الحالة المرضية وسبل العلاج وكل الوسائل المتعلقة بالوقاية. يتذكر البروفيسور آيت عمر الحالات التي عرضت عليه منذ افتتاح المركز يوم 12 تموز/يوليو 2005، والتي منها من امتثل للشفاء بعد أن استفاد من زرع الكلي، كما اعتبر البروفيسور آيت عمر أن أكبر تحدي بالنسبة إليه أن يرتفع عدد المتبرعين بالكلي حتى يتمكن من إنقاذ أرواح صغار، علما أنه منذ بدء اشتغال المركز لم تسجل أي حالة وفاة في صفوف الأطفال المرضى خلافا لما كان في السابق، مضيفا في الآن نفسه إلى تسجيل ما لا يقل عن مئة حالة خلال السنة.ويعترف البروفيسور آيت عمر أن مرض الفشل الكلوي يحتاج إلى تعبئة كبيرة في صفوف الجميع من وزارة وصية وفاعلين وخبراء وأيضا المحسنين الذين يبقى دورهم رائدا في دعم مثل هذه المبادرات الإنسانية. وبالفعل لا يتوان محسنون من المساهمة في استمرار اشتغال المركز كل حسب طاقته وقدراته المالية. فالجمعية التي تسير المركز خرجت إلى الوجود من أجل تحقيق مجموعة من الأهداف في مقدمتها المتابعة الطبية للأطفال المصابين وتقديم الدعم والتوجيه لفائدة آبائهم وعائلاتهم. كما تسعى الجمعية إلى إنجاز أكبر عدد من عمليات زرع الكلي لإنقاذ حياة الأطفال وضمان لهم نموا عاديا وحياة كريمة.