المراهقة والاستقلالية وجهان لعملة واحدة
  • Posted on

المراهقة والاستقلالية وجهان لعملة واحدة

تُعد المراهقة من أصعب المراحل العمرية التي يمر بها الفرد، سواء كانت هذه الصعوبة تنطوي عليه فقط أو على المحيطين به من الأهل الذين ينتهجون أساليب معيّنة في محاولة لمجاراة متطلبات تلك المرحلة العمرية ويمضون بأولادهم نحو الطريق الآمن. وجدت دراسة علمية حديثة أنّ مُخّ المراهق بالفعل يعمل بطريقة مختلفة عن مُخّ الشخص البالغ، فخلال فترة المراهقة، يعمل الجهاز الحوفي على الربط والاتصال مع مختلف أجزاء المخ، بطريقة مختلفة عن طريقة عمله عند الأشخاص البالغين، ما يجعل الكثير من المراهقين معرضين لاتباع سلوك مضطرب يعرّضهم للمخاطر. وأكد الباحثون القائمون على الدراسة أنّ هناك انفصالاً كبيراً في الارتباط مع بعض مناطق بالمخ في مرحلة المراهقة، التي عادة ما تكون مسؤولة عن تلك الاستجابات المضطربة، وذلك الانفصال قد يؤدي بالمراهقين للشعور بعدم الثقة بطرق مختلفة. وفي هذا السياق يقول "الدكتور جمال فرويز- استشاري علم النفس": الشباب في مرحلة المراهقة يميلون إلى الاستقلالية والإحساس بأنهم قادرون على اتخاذ القرارات بمفردهم، دون تدخل أحد، ويجب على الأهل تفهُّم تلك النقطة وعدم اللجوء إلى تعنيف الأبناء في تلك المرحلة بل يجب منحهم مساحة معقولة من الثقة التي تخولهم اتخاذ القرارات وعدم إجبارهم على تنفيذ أشياء معيّنة دون رغبتهم أو الاختيار رغماً عنهم واتباع أسلوب الضغط النفسي. وبمقارنة الفتيات بالأولاد، أكد فرويز أنّ الأولاد يميلون إلى التذمر أكثر من الفتيات والتسرع في التفكير والانفلات من قبضة الأهل لتأكيد الذات، أما الفتاة فتميل إلى الانصياع لرغبات الأهل بدرجة أكبر نسبياً من الأولاد، وتكون رغباتها الاستقلالية بسيطة، بغض النظر عن الأولاد الذين قد تصل بهم الحال إلى الاستقلال التام عن الأهل والعيش بعيداً عن المنزل. وأضاف: "تعليم الأهل الأبناء الاستقلالية منذ الصغر شيء حميد ويحفزهم على التفكير واتخاذ القرارات وتحمُّل المسؤولية، وهنا يكون الآباء قد تجنبوا مشكلة حرمان الطفل من الخصوصية التي تؤدي مستقبلاً لتفاقم مشكلة استقلالية المراهقين، فيجب على الآباء تعليم أبنائهم مثلاً انتقاء الملابس والأماكن التي يريدون الذهاب إليها والأطعمة التي يشتهونها". ونصح بضرورة اتباع مبدأ الوسطية في التعامل مع رغبات المراهقين في الاستقلالية، بحيث لا نمنحهم استقلالية كاملة قد تؤذيهم نتيجة اتخاذ قرارات خاطئة، وفي نفس الوقت لا نضيّق الخناق عليهم ونحرمهم من الاستقلال والمسؤولية، بالإضافة إلى ضرورة اتباع منهج الحرية المسؤولة، بحيث يمتلك المراق قدراً من الحرية ولكنه يتحمل مسؤولية اختياراته سواء كانت تستحق الثناء أو العقاب.